٤٧

وقوله: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللّه بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (٤٧) أي: تشاءمنا منك وبمن معك، لم يزل الكفرة يقولون لرسل اللّه - عليهم السلام - ولمن آمن منهم: اطيرنا بكم، إذا أصابتهم الشدة

والبلاء يتطيرون بهم ويتشاءمون، ويقولون: إنما أصابنا هذا بشؤمكم، وإذا أصابهم رخاء وسعة فقالوا: هذا لنا بنا ومن أنفسنا، وهو ما قال موسى حيث قال: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ} الآية؛ وكذلك قال أهل مكة لرسول اللّه حيث قال: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللّه وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ}، كانوا يتطيرون برسول اللّه ويتشاءمون بما يصيبهم من الشدة، وما ينزل بهم من البلاء، فأخبر اللّه رسوله، وأمره أن يقول لهم: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّه} أي: الرخاء والشدة من عند اللّه ينزل، وهو باعث ذلك لا أنا؛ فعلى ذلك قوله: {طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللّه} أي: ما ينزل بكم ويصيبكم من الشدة والرخاء إنما ينزل من عند اللّه لا بنا ولا بكم.

أو يقال: ما ينزل بكم من العذاب في الآخرة إنما يصيب بتكذيبكم إياي في الدنيا.

أو أن يقال: طائركم عند اللّه، أي: جزاء طيرتكم عند اللّه، هو يجزيكم بها بعذاب الدنيا والآخرة.

{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} يحتمل قوله: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} ابتداء: مرة بالشدة ومرة بالرخاء، لا بما تكسبون من الأعمال.

وجائز أن قوله: {تُفْتَنُونَ} بالعذاب بما تكسبون من الأعمال في الدنيا، أي: تعذبون بها.

قال أَبُو عَوْسَجَةَ: {طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللّه} يقول: اللّه أعلم بطائركم وما تطيرتم به.

وقَالَ الْقُتَبِيُّ: {طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللّه} أي: ليس ذلك بي وإنما هو من اللّه، وهو ما ذكرنا.

﴿ ٤٧