١٠وقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}. قَالَ بَعْضُهُمْ: خلق السماوات بعمد لا ترونها. وقيل: لعل لها عمدا لكن لا ترونها. وقَالَ بَعْضُهُمْ: خلقها بلا عمد، لكن الأعجوبة فيما خلقها بعمد لا ترونها ليست بدون الأعجوبة في خلقها بلا عمد؛ لأن رفع مثلها بعمد لا ترى أعظم في اللطف والقدرة من رفعها بلا عمد؛ إذ العمد لو كانت مقدار الريشة أو الشعرة ترى، فرفعها مع ثقلها وعظمها وغلظها على عمد لا ترى هو ألطف من ذلك وأعظم في الأعجوبة مما ذكرنا، فأيهما كان ففيه دلالة ألا يجوز تقدير قوى الخلق بقوى اللّه - تعالى - ولا قدرة الخلق بقدرته، ولا سلطان الخلق بسلطانه؛ بل هو القادر على الأشياء كلها بما شاء وكيف شاء، لا يعجزه شيء. وقوله: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ}. وقال في آية أخرى: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ}، والرواسي: هن الثوابت، أي: أثبت الأرض بالجبال؛ كقوله: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} أي: أثبتها. وقوله: {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ}، أي: لئلا تميد بكم، ذكر الميد - وهو الميل والاضطراب - وليس من طبع الأرض الميل والاضطراب؛ وإنما طبعها التسرب والتسفل والانحدار؛ فلا يدري أن كيف حالها في الابتداء؛ وما في سريتها مما يحملها على الاضطراب والميد؛ حتى أثبتها وأرساها بالجبال، واللّه أعلم بذلك. وقوله: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}. قَالَ بَعْضُهُمْ: بث: خلق، وقيل: بث: فرق، وفيه أنه جعل الأرض مكانا ومعدنا لكل أنواع الدواب الممتحن وغير الممتحن، والمميز وغير المميز، والسماء لم تجعل إلا لنوع من الخلق أهل العبادة. وقوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ}. أي: أنبتنا فيها من كل لون يتلذذ به الناظر إليه، كريم ينال منه كل ما أراده وتمناه؛ إذ الكريم هو ما يطمع منه نيل كل ما عنده وأريد منه. وقَالَ بَعْضُهُمْ: الكريم: الحسن، أي: أنبتنا فيها من كل لون حسن ما يستحسنه الناظر ويتلذذ به، على ما ذكر في آية أخرى: {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}: ما يبهج ويسر به كل ناظر إليه، واللّه أعلم.  | 
	
﴿ ١٠ ﴾