١١وقوله: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١) هذا الحرف في الظاهر ليس هو بصلة للأول؛ لأنه إنما يقال عن سؤال سابق في توفي الخلق وقبض أرواحهم: أنه من؟ فيقال عند ذلك: يتوفاكم ذلك ملك الموت. وجائز أن يكون على الصلة بالأول؛ لأنهم أنكروا البعث وإحياءه إياهم من التراب؛ لما لا يرون للّه القدرة على ذلك؛ فيذكر أنه مكن وأقدر عبدا من عبيده على قبض أرواح جميع الخلائق من المشرق إلى المغرب، من غير أن يعلمه أحد أن كيف يقبض؟ وكيف يمكن له ذلك؟ فيخبر أن من قدر على هذا يقدر على إحياء الخلق بعدما صاروا ترابًا ورمادً بل قادر على ما شاء، كيف شاء، متى شاء، لا يعجزه شيء، ولا يخفى عليه شيء. ثم قوله: {يَتَوَفَّاكُمْ} يحتمل من توفى العدد: يجعلهم وفاء لعدِّها؛ كقوله: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا}. وجائز أن يكون التوفي من الاستيفاء ووفاء التمام، أي: يستوفى الروح كله؛ حتى لا يبقى في الجسد منه شيء. ثم في الآية دلالة خلق أفعال العباد؛ لأنه أخبر أن ملك الموت يتوفاهم ويميتهم، وقد أخبر أنه خلق الموت والحياة؛ فدل أن جميع ما يفعل العباد هو خلق. وقَالَ الْقُتَبِيُّ: {ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ}، أي: بطلنا وصرنا ترابًا. وقال غيره: هلكنا. وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: {ضَلَلْنَا} [بالضاد]: إذا صرنا في القبور وبلينا فيها. ويقال: {ضَلِلْنَا} بالكسر من الضلال، ويقال: ضللت شيء كذا وكذا: إذا لم تدر أين ذهب؟ ويقال: صللنا -[بالصَّاد]-: وهو من صَلَّ اللحمُ، أي: أنتن. |
﴿ ١١ ﴾