١٨

وقوله: (قَدْ يَعْلَمُ اللّه الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ ... (١٨) هم المانعون منكم، {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ}:

قَالَ بَعْضُهُمْ: هم اليهود أرسلوا إلى المنافقين، وقالوا: من ذا الذي يحملكم على قتل أنفسكم بايدي أبي سفيان ومن معه من أصحابه؟! فإنهم إن قدروا عليكم هذه المرة ما استبقوا منكم أحدا، فإنا نشفق عليكم؛ فإنما أنتم إخواننا ونحن جيرانكم، {هَلُمَّ إِلَيْنَا}.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هم المنافقون، عوق بعضهم بعضا ومنع عن الخروج مع رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إلى قتال العدو. وفيه أمران:

أحدهما: دلالة على إثبات الرسالة؛ لأنهم كانوا يسرون هذا ويخفون فيما بينهم، ثم أخبرهم بذلك؛ ليعلموا أنه إنما علم ذلك باللّه تعالى.

والثاني: أن يكونوا أبدا على حذر مما يضمرون من الخلاف له؛ كقوله: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ. . .} الآية.

وقوله: {وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا}.

أي: لا يأتون القتال والحرب إلا مراءاة وسمعة، هذا - واللّه أعلم - يشبه أن يريد بالقليل: أنهم لا يأتون إتيان من يريد القتال والقيام معهم؛ ولكن مراءاة وسمعة وإظهارًا

للوفاق لهم، واللّه أعلم.

﴿ ١٨