٢١

وقوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: ذلك حيث كان يباشر القتال بنفسه، فباشروا معه القتال فمن باشر معه القتال أساه بأسوة حسنة، ومن لم يفعل فلم يواسه.

وابن عَبَّاسٍ يقول: {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، أي: سنة صالحة أو نحوه.

مثل هذا إنما يذكر عن زلات تكون إما من المنافقين أو من المؤمنين، فيقول: لكم في التأسي برسول اللّه الاقتداء والقدوة به، فهو يخرج على وجوه:

أحدها: أي: لقد كان لكم في رسول اللّه قبل أن يبعث رسولا، وقبل أن يوحى إليه فيما عرفتموه من حسن خلقه وكرمه وشرفه وأمانته - أسوة حسنة؛ فكيف تركتم اتباعه إذا بعث رسولا؟!

والثاني: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ}، أي: صار لكم {فِي رَسُولِ اللّه} إذا بعث رسولا {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}: فيما أنزل إليه وأوحي إليه، وفيما شاهدتموه من حسن خلقه وكرمه؛ فالواجب عليكم أن تتاسوا به.

والثالث: لقد كان لكم بالمؤمنين أسوة استوائهم لو اتبعتم ما شرع لكم رسول اللّه وسن.

أو الأسوة: هي الاستواء؛ كقول الناس: " فلان أسوة غرمائه "، أي: يكون المال بينهم على الاستواء، هذا - واللّه أعلم - يشبه أن يكون تأويل الآية.

وقوله: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللّه وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: يكون في رسول اللّه أسوة لمن خاف اللّه وآمن باليوم الآخر وبجزاء الأعمال، فأما المنافق والذي لا يؤمن بالبعث، فلا يكون فيه أسوة له.

وجائز أن يكون قوله: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللّه}، أي: لقد كان لكم أسوة حسنة، ولمن كان يرجو اللّه واليوم الآخر.

أو أن يكون لكم في رسول اللّه أسوة حسنة، وفيمن كان يرجو اللّه واليوم الآخر، واللّه أعلم.

وقوله: {وَذَكَرَ اللّه كَثِيرًا}.

ذكر اللّه يحتمل في نعمته وإحسانه، يذكر بالشكر له وحسن الثناء، أو يذكر سلطانه وملكه أو جلاله وعظمته وكبرياءه، واللّه أعلم.

﴿ ٢١