٢٣وقوله: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّه عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (٢٣) قوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} يخرج على وجهين: أحدهما: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} - الذين هم عندكم مؤمنون - {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّه عَلَيْهِ}، ورجال لم يصدقوا وهم المنافقون؛ لأن ظاهر هذا الكلام يدل على أن من المؤمنين الذين هم في الظاهر عندهم مؤمنون لم يصدقوا، فأما من كان في الحقيقة مؤمنًا فقد صدق عهده. والثاني: ذكر {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ خص بعض المؤمنين بصدق ما عاهدوا وهم الذين خرجوا لذلك: لم يكن بهم عذر فوفوا ذلك العهد؛ وتخلف بعض من المؤمنين؛ للعذر؛ فلم يتهيأ لهم وفاء ذلك العهد لهم وصدقه؛ وكذلك يخرج قوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ}، أي: وفَّى بعهده. {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}. بالوفاء أن يرتفع عنه العذر؛ فبقي ذلك، واللّه أعلم. ثم قوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}: وفاءه. وقَالَ بَعْضُهُمْ: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ}، أي: هلك عليه، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} ذلك، أي على شرف الهلاك. وقوله: {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}. هذا يقوي التأويل الذي ذكرنا: أخبر في قوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّه عَلَيْهِ}: أن الذين خلفهم العذر فلم يوفوا عهده، والذين لا عذر بهم، فخرجوا فوفوا كلهم لم يبدلوا عهد اللّه تبديلا؛ لأنه إنما خلفهم العذر؛ فلم يكن في ذلك تبديل. |
﴿ ٢٣ ﴾