١٣

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣)

كانت معروفة عندهم ظاهرة أنها نزلت بهم؛ دل قوله تعالى: {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} أن صاعقة عاد كانت معروفة عندهم ظاهرة أنها نزلت بهم؛ لتكذيبهم الرسل وتركهم إجابتهم إلى ما دعوا إليه، حيث خوف هَؤُلَاءِ بذلك كأنه يقول: أنذرتكم بتكذيبكم إياه وترككم إجابتي إلى ما دعوتكم إليه بالذي نزل بعاد وثمود، وتكذيبهم الرسول الذي أرسل إليهم وتركهم الإجابة إلى ما دعوا إليه، واللّه أعلم.

وقوله: {صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} لم يرد به عين عذاب أُولَئِكَ ومثله في رأي العين، ولكن مثله في الهلاك والاستئصال؛ ألا ترى أن عذاب عاد وثمود كان مختلفا في رأي العين: عذاب عاد خلاف عذاب ثمود وهما في المعنى واحد؟! فعلى ذلك ما أوعد هَؤُلَاءِ بمثل عذاب عاد وثمود، لم يرد مثله في رأي العين، ولكن في المعنى، وهو

كما ذكر في قوله: {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}،

وقوله: {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ}، لم يرد به التشابه والمضاهاة على أن نفس القول منهم وعين الكلام كان واحدًا، بل كان سبب كفرهم مختلفًا، وقول هَؤُلَاءِ خلاف قول أُولَئِكَ، وما كان من هذا الفريق خلاف ما كان من الفريق الآخر، لكن لما كان التكذيب من هَؤُلَاءِ له كالتكذيب من أُولَئِكَ والرد له من هَؤُلَاءِ كهو من أُولَئِكَ في أن كان كفرا واحدا سواء، فمن هذه الجهة وصف قلوبهم بالتشابه وأقوالهم بالمضاهاة، وهذا يدل على أن الاستواء من جهة واحدة يوجب التشابه والتماثل.

﴿ ١٣