٤وقوله: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤) يخرج ذكر هذا في هذا الموضع على وجوه: أي: له ما في السماوات وما في الأرض شهود على ألوهيته ووحدانيته. والثاني: أن ما في السماوات والأرض وما فيها له دلالات وحدانيته وربوبيته. والثالث: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}، أي: كلهم عبيده وملكه؛ فلا يحتمل أن يتخذ من ملكه وعبيده ما ذكروا من: الولد، والشريك، والصاحبة، وما قالوا؛ إذ لا أحد يتخذ من عبيده ومن ملكه ما ذكروا: من الولد، والشريك، والصاحبة؛ فعلى ذلك يتعالى اللّه عن أن يكون له في ملكه ما ذكر، واللّه أعلم. وقوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}. العلوّ والعظمة -في الشاهد- يكون من وجوه ثلاثة: أحدها: العلو عبارة عن القهر والغلبة؛ يقال: فلان عالٍ؛ أي: غالب وقاهر. والعظمة عبارة عن القدر، والمنزلة، ونفاذ الأمر. والثاني: يكون العلو عبارة عن الكبرياء، والسؤدد، وكذلك العظمة. والثالث: العلو يكون عبارة عن الارتفاع في المكان، والعظمة: عظمة في البدن والنفس، وهذا مما لا يكون فيه كثرة منقبة وقدر، ولا شيء من ذلك، ولا يزيد ذلك في صاحبه رفعة ولا مرتبة، واللّه يتعالى عن الوصف بهذا، فإنما رجع الوصف له بالعلوّ والعظمة إلى الوجهين الأوّلين، والسلطان، والقدرة، ونفاذ الأمر والمشيئة والكبرياء، والغلبة. فأمَّا ما رجع إلى الارتفاع في الأمكنة، والعظمة في البدن - فهو صفة المخلوق، وهم الموصوفون بذلك، تعالى اللّه عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا. |
﴿ ٤ ﴾