١٢

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... (١٢) وقال في آية أخرى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ}،

وقوله: {وَللّه خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}،

وقوله: {بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ}، ونحو ذلك من الآيات التي فيها ذكر المفاتيح والمقاليد والخزائن التي أضافها إلى نفسه، ثم لم يفهم الخلق من المفاتيح المضافة والمقاليد والخزائن ما يفهم لو أضيف إلى الخلق؛ بل فهموا من المفاتيح المضافة إلى الخلق والمقاليد المنسوبة إليهم معنى لم يفهموا ذلك المعنى من المفاتيح والمقاليد المضافة إلى اللّه - تعالى - فما ينبغي أن يفهموه من قوله: {بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ}، وقوله - تعالى - {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}،

وقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ}، ونحو ذلك ما يفهموه من اليد المضافة إلى الخلق، لكنه ذكر المفاتيح والمقاليد وأضافها إلى نفسه، لأن كل محجوب ومستور عن الخلق فيما بينهم إنما توصلهم إلى ذلك المحجوب والمستور عنهم بالمفاتيح والمقاليد التي ذكر؛ فعلى ذلك ما أضاف إلى نفسه من اليد وغيرها؛ لما باليد يبسط في الشاهد، وبها يمنع، وبها يكتسب ويفعل ما يفعل؛ فأضاف إلى نفسه ما به يكون في الشاهد من الفعل والبسط والمنع كناية عن هذه الأفعال، واللّه الموفق.

وقوله: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} فيه دلالة نقض قول المعتزلة؛ لأن الرزق المذكور يحتمل وجوهًا:

أحدها: ما ذكر في قوله - تعالى -: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}،

وهو المطر.

والثاني: الأملاك التي يكتسبون.

والثالث: المنافع التي جعل لهم.

ثم الإشكال أن الأملاك التي تكون لهم، والمنافع التي ينتفعون بها وجعلت لهم إنما تكون بأسباب واكتساب منهم، ثم أضاف ذلك إلى نفسه في البسط والتقتير؛ حيث قال {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}؛ دل أن للّه - تعالى - في ذلك صنعًا وتدبيرًا، وهو أَنْ خلق أكسابهم وأسبابهم التي بها يوصل إليهم الرزق.

وقوله: {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} تقدم.

﴿ ١٢