١٩

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اللّه لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩) من الناس من قال: إن الآية وإن جاءت مجيئًا عامًّا فهي خاصة للمؤمنين، هو لطيف؛ أي: بار للمؤمنين بها.

ومنهم من يقول: إن الآية للفريقين جميعًا: للكافر والمؤمن، بار بهما، لطيف بهما بما يرزقهم جميعًا: الكافر والمؤمن، فأما في الآخرة فهو رحيم بار بالمؤمنين خاصة.

ويحتمل أن يكون رحيمًا بارًّا بالفريقين، أما في حق المؤمنين لا شك أنه بار رحيم بهم، وأما الكفرة: بار في حقهم، حيث أخر عنهم العذاب في الدنيا.

ثم في حق المحنة يجوز أن يوصف بالرحمة في الفريقين جميعًا على ما ذكرنا.

فَإِنْ قِيلَ: إنه وصف بالحلم والرحمة، وقد أخبر أنه يعذبهم في الآخرة.

قيل: إنه وإن عذبهم فإن ذلك لا يخرجه عن الحلم والرحمة؛ لأنه لو ترك تعذيبهم يكون سفيهًا؛ لأنهم قد استحقوا بالكفر التعذيب أبدًا، وليس في التعذيب خروج عن الرحمة والحلم؛ بل في ترك التعذيب سفه وخروج عن الحكمة؛ لذلك كان ما ذكرنا، واللّه الموفق.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} قد ذكرنا في قوله - تعالى -: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ}، تأويله ومعناه، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} هذا يخرج على وجهين:

أحدهما: أنه لا يقوى بشيء مما أمرهم به وامتحنهم، ولا يعز بذلك؛ لأنه قوي بذاته، عزيز بنفسه.

والثاني: {الْقَوِيُّ} في الانتقام والانتصار من أعدائه لأوليائه، {الْعَزِيزُ}: الذي لا يعجزه شيء، ولا يلحقه الذل في ترك الطاعة له والائتمار.

﴿ ١٩