٢١وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللّه وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢١) قال بعض أهل التأويل: أم لهم آلهة دوني {شَرَعُوا لَهُم} أي: سنوا لهم {مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللّه}، يعني بالشركاء: الأصنام التي عبدوها، لكن علموا أن الأصنام لم يشرعوا لهم من الدِّين شيئًا، إلا أن يقال بأنه أضاف ذلك إلى الأصنام؛ لما هم شرعوا لأنفسهم عبادتها فأضيف إليها لذلك، وهو كقوله - تعالى -: {إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ}، وأنهن لم يضللن أحدًا، لكنه أضاف إليهن الإضلال؛ لما بهن ضلوا، فأضاف إليهن على التسبب؛ فعلى ذلك الأول يحتمل ذلك. ويشبه أن يكون غيره أولى بذلك، وهو أن القادة والرؤساء هم الذين سنوا للأتباع و {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللّه}؛ أي: ما لم يأمر به اللّه، وهم كذلك كانوا يفعلون، يشرعون للأتباع دينا من ذات أنفسهم بلا حجة ولا برهان، فيتبعون به، والرسل - عليهم السلام - قد أتوهم بالدِّين بالحجج والبراهين من اللّه - تعالى - فلم يتبعوهم، فيقولون: إنهم بشر، ثم يتبعون بشرًا بلا حجة ولا برهان؛ يذكر سفههم فيما ذكر، فكان المراد من الشركاء هم الرؤساء والقادة، واللّه أعلم. قال أَبُو عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ} أي: عمل الآخرة، يقال: فلان يحرث للدنيا؛ أي: يعمل لها، ويجمع المال، ومنه قول ابن عمر - رضي اللّه عنه -: " احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا "، ومنه سمي الرجل: حارثًا. {شَرَعُوا لَهُم} أي: ابتدعوا وسنوا، وكذلك في قوله: {شَرَعَ لَكُم}، أي: ابتدع وسن. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} يحتمل وجهين: أحدهما: الحكم؛ كأنه يقول: لولا أن اللّه - تعالى - حكم في هذه الآية بتأخير العذاب إلى يوم القيامة، وهو ما ذكر أنه بعث رسوله - يختَ رحمة لهم بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. والثاني: {الْفَصْلِ}: البيان تأويله: لولا ما وعد في الدنيا أنه يفصل بينهم في الآخرة فيما ذكر: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ}، ونحوه، وقيل: {وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ} أي: القضاء السابق: أن الجزاء يوم القيامة - لقضي بينهم في الدِّين، واللّه أعلم. |
﴿ ٢١ ﴾