١٢

وقوله: (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) جائز أن يدخل فيما ذكر من خلق الأزواج كلها جميع ما يكون لها أزواج من مقابلات وأشكال؛ إذ التزاوج قد يقع ويستعمل في الأضداد والأشكال من الأفعال والجواهر من الكفر والإيمان، والطاعة والمعصية؛ فيكون في ذلك دلالة خلق أفعال العباد إذ أخبر أنه خلق الأزواج كلها، وبين هذه الأفعال ازدواج وإن كانت متضادة متقابلة، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} فيه ما ذكرنا من الوجوه: أنه فرق حوائج الخلق في أمكنة بعيدة، وبينهم وبين أمكنة حوائجهم مفاوز وفيافي وبحار، فجعل لهم في المفاوز أنعامًا يركبونها؛ ليصلوا إلى حوائجهم، وفي البحار سفنًا ليركبوها؛ ليصلوا إلى حوائجهم التي في البحار؛ يذكرهم نعمه؛ ليتأدى بذلك شكرها، ويذكرهم قدرته أن من ملك هذا وقدر لا يعجزه شيء.

﴿ ١٢