١٨

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨) يحتمل أن يكون هذا صلة قوله - تعالى -: {وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ} كأنه يقول: وآتيناهم بينات من الأمر، وجعلنا ذلك شريعة لك، فاتبعها أنت وإن لم يتبعوها هم.

والشريعة: هي الملة والمذهب، وهي ما شرع فيه ويذهب إليه؛ كذلك قاله الْقُتَبِيّ؛ قال: يقال: شرع فلان في كذا إذا أخذ فيه، ومنه: مشارع الماء: الفُرَض التي يشرع فيها

الناس والواردة.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: الشريعة: السنة، واللّه أعلم.

ثم أخبر أن الذي هم عليه إنما هو هوى النفس، فقال - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.

يحتمل قوله - تعالى -: {لَا يَعْلَمُونَ} لما لم يتأملوا فيه ولم يتفكروا ما لو تأملوا

وتقكروا فيه لعلموا؛ لأنه قد ذكر في أوّل الآية أنهم إنما اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم؛ أي: جاءهم من دلائل العلم ما لو تأملوا ونظروا فيها لعلموا.

والثاني: نفى عنهم العلم؛ لما لم ينتفعوا بما علموا وما جعل لهم من العلم، واللّه أعلم.

﴿ ١٨