١٢وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢). كانوا يسألون عن يوم القيامة سؤال استهزاء وعناد، لا سؤال استرشاد؛ لذلك قال اللّه تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} ولو كان سؤالهم سؤال استرشاد، لكان لا يأتيهم ذلك الوعيد؛ ألا ترى أن جبريل - عليه السلام - أتى رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وسأله عن الإيمان والإسلام في حديث طويل، وسأله عن الساعة فلم يأته الوعيد؛ فلا ذم في سؤاله ذلك؛ لأن سؤاله سؤال استرشاد، وقوم موسى - عليه السلام - لما سألوا رؤية الرب تعالى بقولهم: {أَرِنَا اللّه جَهْرَةً} فأهلكوا؛ لأنهم سألوا سؤال استهزاء وتعنت، لا سؤال استرشاد، وأصحاب رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - سألوا - أيضا - الرؤية، فبشروا ووعدوا في الآخرة؛ لما أنهم سألوا سؤال استرشاد، لا سؤال استهزاء، فعلى ذلك أُولَئِكَ الكفرة سألوا عن القيامة سؤال استهزاء متى تكون الساعة التي تعدنا بها؟ وأين وقت العذاب الذي تعدنا به؟ لذلك قال جوابا لهم: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}، واللّه أعلم. وفي الآية دلالة على أن الحكم لا يبنى على ظاهر المخرج؛ فإنه لا فرق بين سؤال الكفرة رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن السماعة وبين سؤال جبريل - عليه السلام - عن الساعة، ثم أجاب لجبريل - عليه السلام -: " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " ثم الجواب للكفرة: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}، ثم من شهد النوازل علم المراد من النازلتين: أن أحد السؤالين خرج على الاستهزاء، والآخر على الاسترشاد؛ فحملوا أحد الجوابين على إحدى الحالتين، والآخر على الحال الأخرى؛ دل أن الحكم لا يبنى على ظاهر المخرج، ولكن يجب النظر؛ ليعرف المرادة إما بسؤال من شهد النازلة، أو من حيث المعنى المودع فيه، واللّه أعلم. |
﴿ ١٢ ﴾