٢٨

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ... (٢٨) لما ذكرنا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {قَالُوا لَا تَخَفْ} لا لذلك أرسلنا، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} يحتمل قوله: {عَلِيمٍ} وجهين:

أحدهما: أي: بشروه بغلام يصير عليما إذا كبر.

والثاني: بشروه بغلام يولد عليما، يؤتيه اللّه تعالى علما في بطن أمه، وإذا ولد في صغره، وللّه أن يؤتي العلم من يشاء في حال الصغر والكبر؛ ألا ترى أنه قال - عَزَّ وَجَلَّ - في عيسى - عليه السلام -: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}، فعلى ذلك يحتمل هذا واللّه أعلم.

ثم ذلك الغلام هو إسحاق - عليه السلام - لأنه بين في آية أخرى فيمن كانت البشارة؛ حيث قال: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ}؛ دل أن البشارة إنما كانت بإسحاق. ثم ذكر في سورة هود - عليه السلام - البشارة لامرأته، حيث قال: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ}، وذكر في هذه السورة البشارة لإبراهيم - عليه السلام - بقوله {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}، لكن جائز أنه لما بشرها بالولد، بشرها بالولد منه، فإذا بشر إبراهيم - عليه السلام - بالولد منها، وإذا بشر أحدهما بالولد من الآخر؛ فتكون البشارة لهم جميعًا، واللّه أعلم.

قال أبو بكر الأصم: دل قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ. . .}، إلى أن قال: {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا}: أن إسحاق أكبر من إسماعيل؛ لأنها لما بشرت بالولد أخبر أنها عجوز، وأنها عقيم وأن بعلها شيخ ولو كان إسماعيل هو الأول، وكان

الآخر على قرب منه ليس بينهما زمان مديد، لم يكن يبلغ إبراهيم - عليه السلام - في ذلك المقدار من الوقت ما يخبر عن إياس الولد منه؛ دل أن إسحاق هو المقدم، وأنه كان أكبر من إسماعيل - عليه السلام -.

إلا أن هذا خلاف ما عليه أهل التأويل: أن إسماعيل - عليه السلام - كان أكبر من إسحاق عليه السلام.

﴿ ٢٨