٣-٤

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤).

قَالَ بَعْضُهُمْ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} أي: آدم عليه السلام، و {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} أي: الأسماء التي ذكر في آية أخرى، {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ}؛ إذ لا سبيل إلى معرفة الأسماء إلا بالتلقين، ليس كالأشياء التي تعرف وتدرك بالاستدلال.

ويحتمل أن يكون المراد بقوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} أي: خلق كل إنسان وعلمه البيان: أي: علمه بيان ما يمتحنهم به من الأمر والنهي؛ ليعلم أنه لم يخلق الإنسان ليتركه سدى.

ويحتمل: علم كل إنسان ما غاب عنهم حتى عرفوا بما شاهدوا -باللون والطعم واللذة- طعم ما غاب عنهم من جنسه ولونه ولذته؛ استدلالا بما شاهدوا.

ويحتمل: الاستدلال بالشاهد على معرفة اللّه تعالى، وهو أنهم لما شاهدوا الإنسان محتاجا، عاجزا، محاطا بالحوائج والحوادث عرفوا أن له خالقا عالما قادرا أنشأه كذلك.

ويحتمل: ما ذكر من تعليم البيان بيان القرآن، وذلك راجع إلى رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: أنه علمه القرآن، وعلمه البيان، وهو بيان القرآن؛ حتى يبين للناس كل ما يحتاجون إليه، وما لهم وما عليهم.

وجائز أن يصرف بعضه إلى النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وهو قوله: {الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ}، وبعضه إلى آدم - عليه السلام - وهو قوله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}، وتفسيره ما ذكرناه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} آدم، و {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} بيان الدنيا والآخرة.

وجائز أن يكون خلق الإنسان كل إنسان علم القرآن، وعلمه البيان أي: علم شيئا من بيان القرآن من الأحكام والشرائع، ونحو ذلك.

وقَالَ الْقُتَبِيُّ: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} أي: الكلام، واللّه أعلم.

﴿ ٣