٦

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦) النجم يحتمل وجهين:

أحدهما: الكواكب، فإن كان هو المراد، فكأنه يقول: يسجد له ما به زينة السماء وما

به زينة الأرض، وهي الكواكب، وهي الأشجار.

ويحتمل النجم كل نبت ينبت في الأرض لا ساق له، والشجر هو الذي له ساق؛ كأنه يقول: يسجد له كل ما يظهر من الأرض ويخرج، ما ارتفع وعلا، وما لم يرتفع.

ثم سجودهما يحتمل وجوها:

أحدها: سجود خلقة؛ قد جعل اللّه تعالى في خلقة كل شيء دلالة السجود له والشهادة له بالوحدانية.

والثاني: سجود هذه الأشياء الموات: طاعتها له عن اضطرار وتسخير؛ نحو قوله تعالى: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}.

والثالث: سجود حقيقة، يجعل اللّه في سرية هذه الأشياء معنى يسجدون به للّه تعالى يعلمه هو، ولا يعلمه غيره؛ كقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}.

وقال بعض الناس: سجودهما: هو تمييل ظلالهما؛ كقوله تعالى: {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا للّه}.

ثم لا يلزم السجود بتلاوة هذه الآية وأمثالها مما ذكر سجود الموات وطاعتها؛ لأنها موات ليست بأهل السجود، وإنَّمَا سجودها عن اضطرار كل مخلوق في معناه في الدلالة على السجود، وإنما يلزم السجود بتلاوة آيات ذكر فيها سجود من هو من أهل السجود، واللّه أعلم.

﴿ ٦