٥وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللّه وَرَسُولَهُ}. قال بعض أهل الأدب: المحاد هو الذي يجعل نفسه في حد غير الحد الذي أمره اللّه ورسوله، وكذلك قوله: يشاقون اللّه، أي: يكونون في شق غير الشق الذي عليه رسول اللّه، أو كلام نحوه. ومنهم من قال: حددته عن طريقه، أي: عدلته عنه، وبعضه قريب من بعض. وأصله ما ذكر: {يُحَادُّونَ اللّه وَرَسُولَهُ}، أي: يمانعون الناس ويزجرونهم عن الطريق؛ لئلا يأتوا محمدًا - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ويتبعوه. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}. قيل: غلبوا وردوا بغير حاجتهم كما غلب ورد الذين كانوا من قبلهم. وقيل: أهلكوا كما أهلك الذين من قبلهم. وقيل: أخزوا كما أخزي الذين كانوا من قبلهم. وكله قريب بعضه من بعض. ثم يخرج تأويله على وجهين: أحدهما: أي: كبت هَؤُلَاءِ الذين منعوا الناس عن اتباع رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من أهل مكة، كما كبت من قبلهم. أو كبت هَؤُلَاءِ الذين مانعوا الناس عن رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، كما كبت الذين مانعوهم عنه بمكة؛ لأن هذه السورة مدنية، واللّه أعلم. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}. أي: آيات تبين حدود اللّه من غير حدوده، أو ما يبين الحق من الباطل، والرسول من غيره، أو المحاد من غير المحاد. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}. أي: للكافرين كلهم عذاب يهينهم؛ كما أهانوا المؤمنين. |
﴿ ٥ ﴾