٩

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى}.

إن أهل التأويل صرفوا الآية إلى المنافقين، وعندنا يحتمل صرف النهي إلى المؤمنين عن التناجي بمثل ما تناجوا أُولَئِكَ، أي: لا تتناجوا أنتم يا أهل الإيمان فيهم بالإثم والعدوان كما تناجوا فيكم، يقول: لا تجازوهم بالذي فعلوا هم بكم، ولكن تناجوا فيهم بالبر والتقوى، وهو كقوله - تعالى -: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا}: نهى المؤمنين أن يجازوهم جزاء الاعتداء الذي كان منهم من صدهم عن المسجد الحرام؛ بل أمرهم بالتعاون على البر والتقوى، قال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، فعلى ذلك يحتمل هذا، واللّه أعلم.

وجائز أن يكون في المؤمنين حقيقة على الابتداء؛ نهيا منه لهم، يقول: إذا تناجيتم فلا تتناجوا فيما يؤثمكم ويحملكم على العدوان: على المجاوزة عن الحد، ومعصية الرسول فيما يأمركم وينهاكم، {وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى}: يحتمل كل أنواع الخير، وأما التقوى فهو كل ما يقون به أنفسهم عن النار، وقد تقدم ذكره.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَاتَّقُوا اللّه الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.

جائز أن يكون هذا الخطاب لهم -أعني: المؤمنين والكافرين الذين يقرون بالحشر-

لأن أهل الكتاب وبعض المشركين يقرون بالبعث، وبعض المشركين ينكرون مع الدهرية.

﴿ ٩