١٤

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللّه عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ}.

يذكر سفه المنافقين لرسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لتوليهم قومًا غضب عليهم، على ما علم منهم أن اللّه - تعالى - قد غضب عليهم؛ لكنهم تولوهم طمعا منهم في أموالهم وفيما كان عندهم من السعة وفضل الدنيا، ثم أخبر أنهم ليسوا منكم، أي: ليسوا على دينكم، ولا أنتم منهم، أي: على دينهم، أي: أُولَئِكَ اليهود؛ لكنهم يتولونهم طمعًا فيما عندهم من فضل الدنيا.

{وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.

كأنه قيل لهم: لم توليتم قومًا غضب اللّه عليهم؟! فحلفوا أنهم لم يتولوهم؛ فأخبر أنهم كاذبون في حلفهم.

وفيه دلالة إثبات رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لأنهم تولوا اليهود سرًّا من المؤمنين، وحلفوا كذبًا، فأخبرهم رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بتوليهم وكذبهم في الحلف؛ دل أنه - عليه الصلاة والسلام - عرف ذلك بالوحي ثم أخبر ما أعد لهم في الآخرة بتوليهم أُولَئِكَ وحلفهم بالكذب،

﴿ ١٤