١٢

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (١٢).

في هذه الآية حجة رسالته على الفريقين جميعًا وذلك أن هذا خبر عن الغائب، وذلك لا يوصل إلى علمه إلا بالتعليم، ولم يكن النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - اختلف إلى أحد غيره، ولا تلقن شيئًا من أحد من البشر، فإذا أخبر عما يحدث وعما هو غائب، ثبت أنه ما قاله إلا عن الرسالة والوحي، واللّه أعلم.

قال: ويجوز أن يكون اللّه - تعالى - ذكر المؤمنين بهذه الآيات على ما لقي الرسول - عليه السلام - ممن كان الواجب عليهم -على ما عليه كانت عادتهم-: الإحسان إليه؛

وذلك أنه كان من عادة العرب المعونة والنصرة لمن قاربهم في النسب أو القبيلة، وإن كان ظالمًا، ثم إن اللّه - سبحانه وتعالى - أرسل محمدًا - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من بين أظهرهم من قريش، فأظهروا معه من العداوة ما أظهروا حتى هموا بقتله، وجعل محمدًا - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حين أرسله حجة يظهر لليهود والنصارى وجميع أهل الكتاب ما ذكر في كتابهم من نعته وصفته، فقابلوه بذلك ما قابلوا من سوء الصنيع وإظهار العداوة، وكان هذا كله - واللّه أعلم - حجة وعلامة، يعلم بها أن رسالته - عليه السلام - لم تظهر بمعاونة أحد؛ بل بنصر اللّه وفضله وتأييده، واللّه المستعان.

﴿ ١٢