١٥وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٥). يجوز أن يكون في هذا إضمار مثل آخر؛ كأنه يقول: مثل هَؤُلَاءِ الكفار كمثل الذين كانوا من قبلهم، وكذلك في قوله: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً}، يعني: مثل مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ومثل هَؤُلَاءِ الكفار، على إضمار مثل آخر، ثم التمثيل وكيفيته يحتمل أوجهًا ثلاثة: أحدها: أن يقول: مثل هَؤُلَاءِ الكفار الذين أساءوا لرسوله كمثل الكفار الذين أساءوا للرسل من قبله، كان قريبًا أن ذاقوا وبال أمرهم. والوجه الثاني: أن يقول: مثل أهل المدينة من الكفار حين هموا بإخراج الرسول من المدينة كمثل أهل مكة حين أخرجوا الرسول - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من مكة وكان قريبًا، حتى ذاقوا وبال أمرهم من الأسر والقتل، والدليل على أن كفار المدينة هموا بإخراج الرسول على قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا. . .} الآية. ويحئمل أن يكون تخصيصًا لقرية أو قبيلة، ووجه ذلك أن يقول: مثل بني قريظة كمثل الذين من قبلهم وهم بنو النضير، وإن كانوا قريبًا أن ذاقوا وبال أمرهم، واللّه أعلم. وقوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. |
﴿ ١٥ ﴾