٨وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللّه مُتِمُّ نُورِهِ ... (٨). له أوجه: أحدها: بالحجج والبراهين. والثاني: بنصر أهله وغلبته. والثالث: بإظهاره في الأماكن كلها. فإن كان على النصر والغلبة، فقد كان حتى كأن المشركين في خوف والمسلمون في أمن؛ ألا ترى إلى قوله: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّه}، وإلى ما روي عن النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " نصرت بالرعب مسيرة شهرين ". وإن كان بالحجج فقد كان أيضًا، لأنهم عجزوا عن أن يأتوا بما يشبه أن يكون مثلا له؛ فضلا من أن يأتوا بمثله؛ فدل أنه قد أتم نوره بالنصر والغلبة والبراهين والحجج. وإن كان المراد منه إظهاره؛ فإنه يرجى أن يظهر؛ على ما روي أنه إذا نزل عيسى - عليه السلام - لم يبق على وجه الأرض دين إلا الإسلام. ثم قوله تعالى {وَاللّه مُتِمُّ نُورِهِ} ليس فيه أنه كان به شيء من الكدر فصفاه؛ ولكن على ما ذكرناه من التأويل؛ فكذلك لا يجب أن يفهم من قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} أنه كان ناقصا فأكلمه بالشرائع؛ ولكنه على هذه الوجوه، يعني: أظهر الدِّين بالشرائع التي وصفناها في قوله: {وَاللّه مُتِمُّ نُورِهِ}، واللّه أعلم. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}. وقال حين ذكر الإظهار: {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} لأن هَؤُلَاءِ كفروا بالرسول والكتاب، وذلك نعم اللّه تعالى؛ فقال: {وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، وأُولَئِكَ أشركوا به في التوحيد؛ فقال: {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}، واللّه أعلم. |
﴿ ٨ ﴾