٦

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ للّه مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦) وقال في موضع آخر: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللّه خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}؛ فكان في هذا بيان أن من كان من أوليائه فله الدار الآخرة عند اللّه خالصة، ومن كانت له الدار الآخرة فهو من أوليائه.

ويجوز أن يكون مآلهما جميعًا، واللّه أعلم.

ثم المباهلة في المتعارف إنما هي المحاجة في بلوغ العناد والتمرد غايته، فكأنه لما قررت عندهم جميع الحجج فلم يقبلوها أمره بالمباهلة؛ فلم يباهله اليهود والنصارى؛ لأنه يجوز أن قد كان في كتابهم هذا أن المباهلة من غاية المحاجة وأن من باهَل، نزل عليه العذاب واللعنة إن لم يكن محقًّا؛ فلذلك امتنعوا من المباهلة، وأما العرب من المشركين فلم يكن لهم كتاب يعرفون به حكم المباهلة فباهلوا، وذلك أنه روي أن أبا جهل كان يقول: " اللّهم انصر أحبنا إليك وأقرانا للضيف وأوصلنا للرحم " فنصر اللّه تعالى نبيه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، فأبو جهل باهَله؛ لأنه لم يكن له كتاب، ولم يباهله اليهود والنصارى؛ لما كانت لهم كتب عرفوا فيها حكم المباهلة، واللّه أعلم.

﴿ ٦