٥

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ أَمْرُ اللّه أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللّه يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (٥) يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون معنى قوله: {ذَلِكَ أَمْرُ اللّه} أي: ذلك التقوى أمر اللّه أنزله إليكم.

ويحتمل أن يكون أراد بقوله: {ذَلِكَ} ما تقدم من الآيات في المراجعة والإشهاد والطلاق والعدة وغير ذلك: أنها وإن خرجت في الظاهر مخرج الخبر، فإنها كلها أمر اللّه تعالى، أنزله إليكم؛ فاتبعوها وخذوا بأمره فيها، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَنْ يَتَّقِ اللّه يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}.

هذا يدل على ما وصفنا: أن التقوى إذا ذكر مفردا انتظم الأمر والنهي جميعًا، ألا ترى إلى قوله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، وقال هاهنا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللّه يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ}. فجعل التقوى تكفر السيئات، فلولا أن في التقوى أعظم الحسنات، لم يكن لقوله: {يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ} معنى، واللّه أعلم.

﴿ ٥