١١

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللّه مُبَيِّنَاتٍ ... (١١).

بالخفض؛ فمعناه أنه يبين الحلال والحرام والأمر والنهي ونصب، الآيات والأعلام والحجج.

فمن قرأ {مُبَيِّنَاتٍ} بالخفض، فمعناه: أنها تبين الحلال والحرام والأمر والنهي.

ومن قرأ بالنصب؛ فكأنه يريد به: أن اللّه - تعالى - أوضح آياته وبينها، حتى إن من تفكر فيها وفي جوهرها، علم أنها من عند اللّه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} كل من

آمن، فقد خرج من الظلمات إلى النور.

وإذا كان هذا هكذا فحق هذا الكلام أن يقول: ليخرج الذين كفروا من الظلمات إلى النور، ولكن يحتمل أن يكون معناه: ليخرج الذين يؤمنون؛ على ما جاز أن يراد من الماضي المستقبل.

وقوله - تعالى -: {وَإِذْ قَالَ اللّه يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}.

أي: إذ يقول اللّه: يا عيسى ابن مريم، جاز أن يراد من المستقبل الماضي، وهذا سائغ في اللغة.

ويحتمل أن يقول: ليخرج الذين آمنوا من ظلمات تحدث لهم بعد إيمانهم إلى النور، واللّه أعلم.

وقيل قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا} يعني: الذين وحدوا اللّه، وعظموه وبجلوه من معاني الشبه ووصفوه بالتعالي عن العيوب والآفات، وعملوا في إيمانهم صالِحًا إذا خافوه ورجوه بإيمانهم وذلك عملهم الصالح في الإيمان، وذلك معنى قوله: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}، ومعنى ذلك الكسب: ما وصفنا من التعظيم والتبجيل والرجاء والخوف في نفس الإيمان، واللّه أعلم.

ويجوز أن يكون معنى قوله: {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} في أداء الفرائض التي افترض اللّه عليهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {قَدْ أَحْسَنَ اللّه لَهُ رِزْقًا}.

أي: طاعة في الدنيا وثوابا في الآخرة؛ وذلك معنى قوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، وفي هذه الآية دلالة أن من نال الإيمان، فإنما ناله بفضل اللّه تعالى وبرحمته، لأنه لولا ذلك، لم يكن ليمن اللّه - تعالى - عليه بذلك.

﴿ ١١