١٣وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣). العتل: الفظ الغليظ، والشديد الظلوم. وقيل: هو الفاحش اللئيم الضريبة. وقال مجاهد: العتل: الشديد الأشر، أي: الخلق، وقد روي في الخبر عن النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظري ولا العتل الزنيم "، فقال رجل من المسلمين: يا رسول اللّه، وما الجواظ، والجعظري والعتل الزنيم؟ فقال رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أما الجواظ فالذي جمع ومنع تدعوه لظى نزاعة للشوى، وأما الجعظري: فالفظ الغليظ؛ قال اللّه تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللّه لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، وأما العتل الزنيم: هو الشديد الخلق، الرحيب الجوف المصحَّح، الأكول الشروب، الواجد للطعام والشراب، الظلوم للناس "، وأما الزنيم: هو الدعي الملصق بالقوم الملحق في النسب. واستدلوا على ذلك بقول الساعر: زَنِيمٌ ليس يُعْرَفُ مَنْ أبوه؟ ... بَغِيُّ الأمِّ ذو حسب لئيم ويقول آخر: زَنِيمٌ تَداعاه الرجال زِيادَة ... كَمَا زِيدَ في عرْض الأدِيم الأكَارعُ ومنهم من قال: إنه كانت به زنمة في أصل أذنه يعرف بها. ومنهم من يقول: الزنيم: هو العلَم في الشر. ولقائل أن يقول: إذا كان تأويل العتل ما ذكر في الخبر، ومعنى الزنيم: الدعيّ أو ما ذكر من العلامة، فكيف عير بهذه الأشياء، ولم يكن له في ذلك صنع، والمرء إنما يعير بماله فيه صنع لا بما لا صنع له فيه؟! فيجاب عن هذا من وجهين: أحدهما: ما ذكرنا: أن ذكره بما فيه من العيوب ليس لمكان المذكور نفسه، ولكن لزجر الناس عن اتباعه؛ لأن من اشتمل على العيوب التي ذكرها، وكان مع ذلك عتلا زنيما، فأنفس الخلق تأبى عن اتباعه، ففائدة تعييره بما أنشئ عليها ما ذكرنا من الحكمة لا تعييره. والثاني: أن ذكر أصله كناية عن سوء فعله؛ ليعلم أن خبث الأصل يدعو الإنسان إلى تعاطي الأفعال الذميمة، وصحة الأصل وحسنه ونقاوته يدعو صاحبه إلى محاسن الأخلاق وإلى الأفعال المرضية. |
﴿ ١٣ ﴾