١٨وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨) أي: تعرضون على أعمالكم فلا تخفى عليكم خافية، أي: يظهر لكم في ذلك اليوم، ويصير بارزًا في ذلك اليوم، كما قال - تعالى -: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}، أي: تظهر لهم سرائرهم حتى يعرفوها، ولا يخفى عليهم شيء منها. وجائِز أن يكون قوله: {لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} أي: على اللّه - تعالى - ولكن كل من ادعى إخفاء شيء من أمره على اللّه - تعالى - وظن أن اللّه - تعالى - لا يطلع عليه، فسيعلم في ذلك اليوم أنه لا تخفى عليه خافية، وهو كقوله - تعالى - {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ للّه الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}، ليس فيه أن الملك كان لغيره، ولكن بعض الناس كانوا يدعون الإشراك في الملك في الدنيا، فيتركون في ذلك اليوم دعواهم، ويتيقنون أنه هو المنفرد بالملك، وعلى ذلك قوله - تعالى - {وَبَرَزُوا للّه جَمِيعًا} ولم يكونوا بمختفين عنه قبل ذلك؛ بل كانوا له في كل وقت بارزين، ولكن من أنكر ادعاء الإخفاء في الدنيا يدع في ذلك اليوم، ويقر بالبروز، واللّه المستعان. ثم روي في الخبر " أن العرضات ثلاث: عرضتان فيهما خصومات ومعاذير " أي: يختصمون ويتنازعون، فإذا ظهر ذلك جعلوا يعتذرون، ويسألون ربهم العفو والصفح عن ذنوبهم وخصومهم، و " العرضة الثالثة عند تطاير الصحف ". ومعنى قوله: {تُعْرَضُونَ} أي: يعرض الخلق بعضهم على بعض حتى لا يخفى على أحد خصمه. أو تعرض أعمالهم حتى يذكر كل أحد صنيعه، وكل خصم خصومته؛ فكأنهم قد نسوا ذلك من كثرة الفزع وشدة الأهوال، لكن اللّه - تعالى - يطلعهم على ذلك حتى يذكروا ذلك، واللّه أعلم. |
﴿ ١٨ ﴾