١٧

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) فجائز أن يكون الدعاء منها على التحقيق، وهو أن يجعل اللّه تعالى لها باللطف لسانا تدعو به، أو يخلق فيها الكلام من غير لسان، فتقول: إليَّ، إليَّ.

وجائز أن يكون هذا على التمثيل، وهو أنها لا تدع أحدا يفر منها، ويتخلص من عذابها، فكأنها دعته إلى نفسها.

ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} وجائز أن يكون قوله: {مَنْ أَدْبَرَ}، أي: من كان أدبر في الدنيا عن طاعة اللّه تعالى، وتولى عن الإجابة لرسله؛ كقوله تعالى: {تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا}، أي: أعرض.

أو أدبر عن توحيده، وتولى عن النظر في حجته، وفيما جاء من عنده.

ويحتمل قوله: {أَدْبَرَ}، أي: أدبر عن طاعة اللّه - عَزَّ وَجَلَّ {وَتَوَلَّى} أي: تولى الشيطان، من الولاية.

وجائز أن يكون أدبر في جهنم، فيدبر رجاء أن يفر عنها، ويتولى؛ فلا تدعه النار ليفر؛ بل تغشاه عن الإعراض، كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ}، ولكن هذا قريب من الأول؛ لأن من تولى عن ذكر اللّه فقد تولى الشيطان.

﴿ ١٧