٢

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢).

أي: مبين بما يقع به الإنذار والتخويف؛ فيكون الإبانة منصرفة إلى النذارة.

ويحتمل أن يكون هذا الوصف راجعا إلى نفسه خاصة؛ كأنه قال: نذير لكم مبين، أي: إني لم أقم في دعائي إياكم إلى عبادة اللّه تعالى وإنذاركم من عند نفسي، ولكن بما اختصني اللّه تعالى وولاني ذلك.

ثم الأصل في الإنذار أن يقتضي نهيا وفي النهي أن يقتضي أمرا، لكن الإنذار يقتضي نهيا وَكِيدا، والنهي الوكيد يقتضي الأمر بالخلاف أمرا وكيدا.

وأما البشارة فهي تقتضي الأمر الوكيد وغير الوكيد؛ لأنه يستوجب البشارة بكل خير يفعله، وإن كان للمرء ترك ذلك الخير بخير آخر يأتي به، فلا يفهم بنفس البشارة الأمر الوكيد؛ ويفهم بتصريح النذارة كلا الوجهين اللذين ذكرناهما.

وإذا كان كذلك، فمطلق البشارة لا يدل على تحقيق النذارة، وأما النذارة فهي تدل على

البشارة؛ لأن النذارة على ما هو فيه في الفعل تلزم النهي، وإذا انتهى عنه فقد حصل العفو، وفي حصول العفو ارتفاع ما خوف وذهابه.

﴿ ٢