٢١

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (٢١).

أي: ضرًّا في الدِّين، ورشدا في الدِّين، والأصل في الأسماء المشتركة أن ينظر إلى مقابلها، فيظهر مرادها بما يقابلها؛ قال اللّه تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ}، والقاسط: الجائر، وقد يكون غير الكافر جائرا، ثم صرف الجور إلى

الكفر؛ فظهر مراده بمقابله، وهو قوله {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ}.

والضر قد يكون في الدِّين والمال والنفس، ولكنه لما ذكر قوله: {رَشَدًا}، والرشد يتكلم به في الدِّين، علم أن قوله: {ضَرًّا} راجع إليه أيضا، فكأنه يقول: لا أملك إضلالكم، ولا رشدكم؛ إنما ذلك إلى اللّه تعالى، يضل من يشاء، ويهدي من يشاء.

والمعتزلة تزعم أن اللّه تعالى لا يملك رشد أحد ولا غيه، بل رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أكثر ملكا منه؛ لأنه يملك أن يدعو الخلق إلى الهدى بنفسه، واللّه تعالى لا يملك ذلك إلا برسوله.

وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّه يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}،

وقال: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللّه يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}، ولو كان المراد من الهداية المضافة إلى اللّه تعالى الدعوة والبيان، لكان رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يهديهم؛ لأنه داع ومبين؛ فثبت أن في الهداية من اللّه تعالى لطفا لا يبلغه تدبير البشر.

﴿ ٢١