٤وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤): الترتيل، هو التبيين في اللغة، أي: بينه تبيينا. وقيل: اقرأه حرفا حرفا على التقطيع؛ لما ذكر أن رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان يقطع القراءة، ولكن جائز أن يكون على قراءة التقطيع؛ لأن التبيين كان في تقطيعه؛ وإنما أمر بالتبيين لأن القرآن لم ينزل لمجرد قراءته فقط، لكنه لمعان ثلاثة: أحدها: أن يقرأ للحفظ والبقاء إلى يوم القيامة؛ لئلا يذهب، ولا ينسى. والثاني: أن يقرأ؛ لتذكر ما فيه، وفهم ما أودع من الأحكام، وما للّه عليهم من الحقوق، وما لبعضهم على بعض. والثالث: يقرأ؛ ليعمل بما فيه، ويتعظ بمواعظه، ويجعلونه إماما يتبعون أمره، وينتهون عما نهى عنه؛ فنفذ قراءته في الصلاة يلزمنا هذا كله، ولا ندرك ذلك إلا بالتأمل، وذلك عند قراءته على الترتيل، وهذا الذي ذكرناه يوجب اختيار من يرى الوقوف في القرآن؛ لأن ذلك يدل على المعنى وأقرب إلى الإفهام. وفيه دلالة أن المستحب فيه ترك الإدغام، وترك الهمز الفاحش؛ لأن ذلك أبلغ في التبيين، والأصل أن السامع للقرآن مأمور بالاستماع إليه، وإذا لزمه الاستماع، وفي الاستماع الوقوف على حسن نظمه وعجيب حكمته، والوقوف على معانيه؛ فلزم القارئ تبيينه؛ ليصل السامع إلى معرفة معانيه، ويقف على حسن نظمه، وعجيب تأليفه، وذلك يكون أقرب في إفهام السامع والقارئ؛ لما فيه من لطائف المعاني. ثم الترتيل منصرف إلى القراءة، وسمى القراءة: قرآنا على جهة المصدر؛ إذ ما هو كلام اللّه تعالى لا يوصف بالترتيل، واللّه الموفق. |
﴿ ٤ ﴾