١٣وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (١٣) فالذي يغص، ولا يقدر على ابتلاعه ليس بطعام في الحقيقة، وقال: {لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ}، والحميم ليس بشراب في التحقيق؛ ولكن سمي الأول: طعاما؛ لأنه يمضغ مضغ الطعام، والصديد والحميم يسيلان سيل الشراب، فذكر في الأول طعاما، وفي الثاني شرابا لهذا. ولأن الطعام اسم لما يطعم؛ فهو مطعوم، وإن كان كريها، والحميم مشروب وإن كان في نفسه كريها. ثم الأصل أن الكفرة بكفرهم تركوا شكر نعم اللّه - تعالى ذكره - وقابلوها بالكفران؛ فأبدل اللّه تعالى لهم في الآخرة مكان كل نعمة نقمة؛ ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا}، فأبدلهم مكان البصر عمى، ومكان السمع صمما؛ لتركهم شكر ما أنعموا من البصر والسمع واللسان، وأبدلهم مكان اللباس قطرانا، ومكان المراكب: السحْب إلى النار على أقدامهم ووجوههم؛ فكذلك أبدلهم مكان الطعام والشراب زقوما وحميما؛ لتركهم شكر نعم اللّه تعالى. |
﴿ ١٣ ﴾