٩

وقوله - تعالى -: (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩):

فيه أن سلطانهما يذهب؛ فلا يعملان عملهما بعد ذلك.

ثم من الناس من زعم أنهما يجمعان يوم القيام كالبعيرين القرينين، أو الثورين القرينين، فيلقيان في النار، ويعذبان بها.

وذكر عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللّه عنهما - أنه أنكر هذا،

وقال: " إنهما خَلقان للّه تعالى، طائعان له - عَزَّ وَجَلَّ - ألا ترى إلى قوله - تعالى -: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ}، يدأبان في طاعة اللّه تعالى، ومن كان هذا وصفه؛ فلا يجوز أن يعذب ".

وعندنا أن إلقاءهما إن ثبت، فهما يلقيان في النار؛ ليعذب بهما غيرهما، وهم الذين عبدوهما من دون اللّه تعالى، وذلك كقوله - عز وجل -: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه حَصَبُ جَهَنَّمَ} الآية، ومعلوم أن الأصنام التي عبدت من دون اللّه لا تعذب بالنار، ولكنها تجعل حصبا ونارا يعذب بها من عبدها، وقال اللّه تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً}، ولا يجوز أن يكون الملائكة يمسهم أذى النار، بل هم الذين يُعَذّبُون؛ فعلى ذلك الشمس والقمر إن ثبت أنهما يلقيان في النار، فهما يلقيان؛ ليعذب بهما من عبدهما، لا أن يعذبا بأنفسهما، واللّه أعلم.

﴿ ٩