١٤

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا ... (١٤):

جائز أن يراد به: أنها دانية من هَؤُلَاءِ الذين سبق نعتهم، وهم الأبرار، كقوله - عز وجل -: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّه قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.

أو ذكر أن ظلالها دانية؛ لأنها لو لم تكن دانية، لكان لا يقع لهم بها انتفاع.

وقيل: هي ظلال غصون الأشجار قريبا منهم؛ لأن للجنة نورا يتلألأ؛ فيقع بالأشجار ظلال؛ على ما جاء في الخبر أنه لو ألقي سوار من الجنة في الدنيا، لأضاءت الدنيا، ويغلب ضوءها ضوء الشمس "، ويجوز ذلك؛ فتقع الأشجار فيها ظلال؛ كما يشتهونه في الدنيا ليس ذلك على شمس ولا قمر.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا}:

جائز أن يكون أريد بالتذليل: التليين، أي: لينت؛ فلا يرد أيديهم عنها شوك.

وقيل: إن أشجارها ليست بطوال لا تنال ثمارها إلا بعد عناء وكد؛ بل قريبة من أربابها، يقال: حائط ذليل؛ إذا لم يكن عاليا في السماء.

وقيل: ذللت، أي: سويت الأشجار، لا يتفاوت بعضها بعضًا؛ يقول أهل المدينة إذا استوت عذوق النخلة: تذللت النخلة.

وقيل: ذللت، أي: سخرت؛ والتذليل: التسخير، فيتناولون منها كيف شاءوا: إن شاءوا تناولوها وهم قيام، وإن شاءوا تناولوها وهم جلوس، أو نيام على الفرش.

وجائز أن يكون تسخيرها على ما ذكر عن بعض المتقدمين: أن شجر الجنة عروقها من فوق، وفروعها من أسفل، والثمار بين ذلك.

﴿ ١٤