١٢وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّ عَلَيْنَا للّهدَى}: هذا يخرج على وجوه: أحدها: جائز أن يكون قوله: {عَلَيْنَا}، أي: لنا، وذلك جائز في اللغة جار؛ كقوله - تعالى -: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}، أي: للنصب، وكقوله - تعالى -: {وَعَلَيْنَا الحسَابُ}، و {عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}، أي: لنا محاسبتهم، وقوله - تعالى -: {وَعَلَى اللّه قَصْدُ السَّبِيلِ}، أي: للّه قصد السبيل، وكقوله - تعالى -: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ}، أي: لربهم، كما قال: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}، ونحو ذلك كثير أن يكون " علينا " بمعنى " لنا "؛ فيصير كأنه قال: إن لنا للّهدى؛ كقوله: {أَلَا للّه الدِّينُ الْخَالِصُ}، وكقوله: {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا}، يكون فيه إخبار أن الهدى له والدِّين الخالص له، وأما سائر الأديان -فلما هي سبل الشيطان- ليست للّه تعالى. على هذا جائز أن يخرج تأويل الآية، والوجهان الآخران يخرجان على حقيقة " على "، لكن أحدهما يخرج ذكر الهدى على إرادة البيان وتبيين الطريق، والآخر على إرادة حقيقة الهدى، الذي هو ضد الكفر ومقابله. فأما على إرادة البيان؛ فكأنه قال: إن علينا غاية البيان في حق الحكمة والعدل فيما يمتحنون، حتى إن كان التقصير والتفريط فإنما يكون من قبل أنفسهم، لا من قبل اللّه تعالى، أي: يبين لهم كل شيء غاية البيان ونهايته؛ لتزول الشبهة عنهم، واللّه أعلم. ويحتمل وجها آخر، وهو أن يقول: إن علينا هداية من استهدانا واجتهد في طلبها؛ كقوله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}. ووجه آخر: إن علينا إنجاز ما وعدنا على الهدى لمن اهتدى واختاره يخرج تأويل الآية على إرادة البيان من الوجوه التي ذكرنا. وأما على إرادة حقيقة الهدى الذي هو مقابل الكفر؛ فكأنه قال: إن علينا التوفيق والمعونة والعصمة في حق الإحسان والإفضال، لا على أن ذلك عليه لهم. وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللّه عَنْهُ -: " إن علينا بيان ما للآخرة والأولى؛ كي لا يزول عن قصد الطريق؛ فيهلك نفسه في كل مضيق ". |
﴿ ١٢ ﴾