٣ثم بين فضلها حيث قال: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) اختلف فيه: قَالَ بَعْضُهُمْ: إن النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أُري بني أمية على منبره؛ فساءه ذلك؛ فنزل قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. . .}، أي: من ألف شهر يملكها بعدك بنو أمية يا مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -. وقَالَ بَعْضُهُمْ: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، أي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها. وقيل - أيضا -: إن رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ذكر لأصحابه أن رجلا من بني إسرائيل جاهد ألف شهر في سبيل اللّه؛ فعظم ذلك عليهم؛ فنزل قوله - تعالى -: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، أي: العمل فيها خير من جهاد ذلك الرجل في ألف شهر. ويحتمل أن يكون ذكر ألف شهر على سبيل التمثيل، لا على التوقيت، أي: خير من ألف شهر وأكثر؛ إذ التقدير قد يكون لبيان العدد نفسه، وقد يكون لبيان شرف ذلك الشيء وعظمته؛ فلا يكون الغرض هو القصر على العدد، وهو كقوله: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّه لَهُمْ}، ونحو ذلك. ثم اختلف في تسمية ليلة القدر: قَالَ بَعْضُهُمْ: هي ليلة الحكم والقضاء، فيها يحكم ويقضي ما يريد أن يكون في ذلك العام المقبل؛ لقوله - تعالى -: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}. أو سميت: ليلة القدر؛ لأنها ليلة لها قدر ومنزلة عند اللّه تعالى؛ لما يوصف الشيء العظيم بالقدر والمنزلة. وسميت: ليلة مباركة؛ لأنه تنزل فيها البركات والرحمة من اللّه - تعالى - على خلقه. أو سميت: مباركة؛ لكثرة ما يعمل فيها من العبادات. |
﴿ ٣ ﴾