١٤

وإذا لقوا الذين . . . . .

قوله تعالى : { وَإِذَا خَلَوْا إِلى شَيَاطِينِهِمْ } في شياطينهم قولان :

أحدهما : أنهم اليهود ، الذين يأمرونهم بالتكذيب ، وهو قول ابن عباس .

والثاني : رؤوسهم في الكفر ، وهذا قول ابن مسعود .

وفي قوله : { إلى شَيَاطِينِهِمْ } ثلاثة أوجه :

أحدها : معناه مع شياطينهم ، فجعل { إلى } موضع { مع } ، كما قال تعالى : { مَنْ أَنْصَارِي إلى اللّه } " [ آل عمران : ٥٢ ] أي مع اللّه .

والثاني : وهو قول بعض البصريين : أنه يقال خلوت إلى فلان ، إذا جعلته غايتك في حاجتك ، وخلوت به يحتمل معنيين :

أحدهما : هذا .

والآخر : السخرية والاستهزاء منه فعلى هذا يكون قوله : { وَإِذَا خَلَوْا إلى شَيَاطِينِهِمْ } أفصح ، وهو على حقيقته مستعمل .

والثالث : وهو قول بعض الكوفيين : أن معناه إذا انصرفوا إلى شياطينهم فيكون قوله : { إلى } مستعملاً في موضع لا يصح الكلام إلا به .

فأما الشيطان ففي اشتقاقه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه فيعال من شطن ، أي بَعُدَ ، ومنه قولهم : نوى شطون (١٠٨) أي

بعيدة ، وشَطَنَتْ دارُه ، أي بعدت ، فسمي شيطاناً ، إما لبعده عن الخير ، وإما لبعد مذهبه في الشر ، فعلى هذا النون أصلية .

والقول الثاني : أنه مشتق من شاط يشيط ، أي هلك يهلك كما قال الشاعر :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَقَدْ يَشِيطُ عَلَى أَرْمَاحِنَا البَطَلُ

أي يهلك ، فعلى هذا يكون النون فيه زائدة .

والقول الفاصل : أنه فعلان من الشيط وهو الاحتراق ، كأنه سُمِّي بما يؤول إليه حاله .

{ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ } أي على ما أنتم عليه من التكذيب والعداوة ، { إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } أي ساخرون بما نظهره من التصديق والموافقة .

﴿ ١٤