٤٣قوله تعالى : { وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } . أما الصلاة : فقد مضى الكلام فيها . وأما الزكاة : ففي تسمية صدقة الأموال بها ، قولان : أحدهما : أنه من تثمير المال وزيادته ، ومنه قولهم : زَكا الزرع ، إذا زاد ، ويقال : زكا الفرد إذا صار زوجاً بزيادة الزائد عليه حتى صار شفعاً كما قال الشاعِرُ : كَانُوا خَساً أَوْ زَكاً مِنْ دُونِ أَرْبَعَةٍ لَمْ يُخْلَقُوا وَجُدُودُ النَّاسِ تَعْتَلِج فخساً : الوِتر ، وزكاً : الشفع ، وقال الراجز : فَلاَ خَساً عَدِيدُهُ وَلاَ زَكاً كَمَا شِرَارُ الْبَقْلِ أَطْرَافُ السَّفَا السَّفَا : شوك البهمي ، والبهمي : الشوك الممدود مثل السبلى . والقول الثاني : أنَّها مأخوذة من التطهير ، ومنه قوله تعالى : { أَقَتَلْتَ نَفَساً زَاكِيَةً } " [ الكهف : ٧٤ ] أي طاهرة من الذنوب . وفيما يُطهَّر قولان : أحدهما : أنه تطهير المال حتى صار بأداء الحقِّ منه حلالاً ولولاه لخَبُثَ . الثاني : تطهير نفس المزكي ، فكأن المزكي طهَّر نفسه من الشُحِّ والبخل . قوله تعالى : { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } فيه قولان : أحدهما : أنه أراد جملة الصلاة ، فعبر عنها بالركوع ، كما يقول الإنسان : فَرَعْتُ من ركوعي ، أي من صلاتي . والثاني : أنه أراد الركوع الذي في الصلاة ، لأنه لم يكن في صلاة أهل الكتاب ركوعٌ ، فأَمَرَهُم بما لا يفعلونه في صلاتهم . وفي أصل الركوع قولان : أحدهما : أنه مأخوذ من التطامن والانحناء ، وهو قول الخليل ، وابن زيدٍ ، قال لبيد بنُ ربيعة : أخبّر أخبار القرون التي مضت أدِبُّ كَأَنِّي كُلَّمَا قُمْتُ رَاكِعُ والثاني : أنه مأخوذ من المذلَّة والخضوع ، وهو قول الأصمعي والمفضل ، قال الأضبطُ بنُ قريع السَّعْدِيُّ : لاَ تُذِلَّ الضَّعِيفَ عَلَّكَ أَنْ تَرْ كَعَ يَوْماً وَالدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ |
﴿ ٤٣ ﴾