٩٧

قوله تعالى : { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّه } وسبب نزول هذه الآية ، أن ابن صوريا وجملة من يهود { فدك } ، لما قدم النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) المدينة سألوه ، فقالوا : يا محمد كيف نومك ؟ فإنه قد أخبرنا عن نوم النبي الذي يأتي في آخر الزمان ، فقال : { تَنَامُ عَيْنَايَ وَقَلْبِي يَقْظَانُ } قالوا : صدقت يا محمد ، فأخبرنا عن الولد يكون من الرجل أو المرأة ؟ فقال : { أَمَّا العِظَامُ وَالعَصَبُ وَالعُرُوقُ فَمِنَ الرَّجُلِ ، وَأَمَّا اللَّحْمُ وَالدَّمُ وَالظُّفْر وَالشَّعْر فَمِنَ المَرْأَةِ } قالوا : صدقت يا محمد ، فما بال الولد يشبه أعمامه ، ليس فيه من شبه أخواله شيء ، أو يشبه أخواله ، ليس فيه من شبه أعمامه شيء ؟ فقال : { أيهما علا ماؤه كان الشبه له } قالوا : صدقت يا محمد ، فأخبرنا عن ربك ما هو ؟ فأنزل اللّه تعالى : قال { هُوَ اللّه أَحَدٌ } " [ الإخلاص الآية : ١ ] إلى آخر السورة ، قال له ابن صوريا : خصلة إن قلتها آمنتُ بك واتبعتُك ، أي ملك يأتيك بما يقول اللّه ؟ قال : { جبريل } ، قال : ذاك عدونا ، ينزل بالقتال والشدة والحرب ، وميكائيل ينزل بالبشر والرخاء ، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك ، فقال : عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه عند ذلك : فإني أشهد أن من كان عدّواً لجبريل ، فإنه عدو لميكائيل ، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية ، فأما جبريل وميكائيل فهما اسمان ، أحدهما عبد اللّه والآخر عبيد اللّه ، لأن إيل هو اللّه وجبر هو عبد ، وميكا هو عبيد ، فكان جبريل عبد اللّه ، وميكائيل عبيد اللّه ، وهذا قول ابن عباس ، وليس له من المفسرين مخالف .

﴿ ٩٧