٢١٣

قوله تعالى : { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } في قوله : { أُمَّةً وَاحِدَةً } خمسة أقاويل :

أحدها : أنهم كانوا على الكفر ، وهذا قول ابن عباس والحسن .

والثاني : أنهم كانوا على الحق ، وهو قول قتادة والضحاك .

والثالث : أنه آدم كان على الحق إماماً لذريته فبعث اللّه النبيين في ولده ، وهذا قول مجاهد .

والرابع : أنهم عشر فرق كانوا بين آدم ونوح على شريعة من الحق فاختلفوا ، وهذا قول عكرمة .

والخامس : أنه أراد جميع الناس كانوا أمة واحدة على دين واحد يوم استخرج اللّه ذرية آدم من صلبه ، فعرضهم على آدم ، فأقروا بالعبودية والإسلام ، ثم اختلفوا بعد ذلك . وكان أُبيّ بن كعب يقرأ : { كَانَ الْبَشَرُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّه النَّبِيِّيْنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ } . وهذا قول الربيع وابن زيد .

وفي قوله تعالى : { وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ } قولان :

أحدهما : في الحق .

والثاني : في الكتاب وهو التوراة . { إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ } يعني اليهود .

{ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ } يعني الحجج والدلائل { بَغْيَا بَيْنَهُمْ } مصدر من قول القائل : بغى فلان على فلان ، إذا اعتدى عليه .

{ فَهَدَى اللّه الَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أراد الجمعة ، لأن أهل الكتاب اختلفوا فيها فضلوا عنها ، فجعلها اليهود السبت ، وجعلها النصارى الأحد ، فهدى اللّه الذين آمنوا لما اختلفوا من الحق بإذنه ، فهدى اللّه الذين آمنوا إليها ، وهذا قول أبي هريرة .

والثاني : أنهم اختلفوا في الصلاة ، فمنهم من يصلي إلى الشرق ومنهم من يصلي إلى بيت المقدس ، فهدانا اللّه للقبلة ، وهذا قول ابن زيد .

والثالث : أنهم اختلفوا في الكتب المنزلة ، فكفر بعضهم بكتاب بعض فهدانا اللّه للتصديق بجميعها .

﴿ ٢١٣