٣٧

قوله عز وجل : { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ } معناه أنه رضيها في النذر الذي نذرته بإخلاص العبادة في بيت المقدس .

{ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً } يعني أنشأها إنشاءً حسناً في غذائها وحسن تربيتها .

{ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا } قرأ أهل الكوفة { وَكَفَّلَهَا } بالتشديد ، ومعنى ذلك أنه دفع كفالتها إلى غيره . وقرأ الباقون : { كفَلَهَا } بالتخفيف ، ومعنى ذلك أنه أخذ كفالتها إليه .

{ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ } وهو معروف ، وأصله أنه أكرم موضع في المجلس .

{ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً } فيه قولان :

أحدهما : أن الرزق الذي أتاها فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف ، وهذا قول ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي .

والثاني : أنها لم تطعم ثدياً قط حتى تكلمت في المهد ، وإنما كان يأتيها رزقها من الجنة ، وهذا قول الحسن .

واختلف في السبب الذي يأتيها هذا الرزق لأجله على قولين :

أحدهما : أنه كان يأتيها بدعوة زكريا لها .

والثاني : أنه كان ذلك يأتيها لنبوة المسيح عليه السلام .

{ قَالَ : يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ؟ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّه } فيه قولان :

أحدهما : أن اللّه تعالى كان يأتيها بالرزق .

والثاني : أن بعض الصالحين من عباده سخره اللّه تعالى لها لطفاً منه بها حتى يأتيها رزقها . والأول أشبه .

{ إِنَّ اللّه يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } فيه قولان :

أحدهما : أنه حكاية عن قول مريم بعد أن قالت هو من عند اللّه .

والقول الثاني : أنه قول اللّه تعالى بعد أن قطع كلام مريم .

﴿ ٣٧