٩٠قوله تعالى : { يَا أْيُّهَا الَّذيِنَ ءَامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ . . . . } الآية . اختلف في سبب نزولها على ثلاثة أقاويل : أحدها : ما روى ابن إسحاق عن أبي ميسرة قال : قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : اللّهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً ، فزلت الآية التي في البقرة : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ } فَدُعِيَ عمر فقرئت عليه ، فقال : اللّهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً ، فنزلت الآية التي في سورة النساء : { لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنْتُم سُكَارَى } وكان منادي رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) إذا حضرت الصلاة ينادي لا يقربن الصلاة سكران ، فَدُعِيَ عمر فقرئت عليه ، فقال : اللّهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً ، فنزلت التي في المائدة { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ } إلى قوله تعالى : { فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } فقال عمر : انتهينا ، انتهينا . والثاني : أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص وقد لاحى رجلاً على شراب ، فضربه الرجل بلحي جمل ، ففزر قاله مصعب بن سعد . والثالث : أنها نزلت في قبيلتين من الأنصار ثملوا من الشراب فعبث بعضهم ببعض ، فأنزل اللّه تعالى فيهم هذه الآية ، قاله ابن عباس . فأما { الْمَيْسِرُ } فهو القمار . وأما { الأنصَابُ } ففيها وجهان . أحدهما : أنها الأصنام تعبد ، قاله الجمهور . والثاني : أنها أحجار حول الكعبة يذبحون لها ، قاله مقاتل . وأما { الأَزْلاَمُ } فهي قداح من خشب يُسْتَقْسَمُ بها على ما قدمناه . قوله تعالى : { رِجْسٌ } يعني حراماً ، وأصل الرجس المستقذر الممنوع منه ، فعبر به عن الحرام لكونه ممنوعاً منه . ثم قال تعالى : { مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } أي مما يدعو إليه الشيطان ويأمر به لأنه لا يأمر إلا بالمعاصي ، ولا ينهى إلا عن الطاعات . فلما حُرِّمَتِ الخمر قال المسلمون : يا رسول اللّه كيف بإخواننا الذين شربوها وماتوا قبل تحريمها ، فَأنزل اللّه تعالى : { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعِمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ } ، يعني من الخمر قبل التحريم ، { إِذَا مَا اتَّقَواْ } يعني فى أداء الفرائض { وَّءَامَنُواْ } يعني باللّه ورسوله { وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } يعني البر والمعروف ، { ثُمَّ اتَّقَواْ وَّءَامَنُواْ ثُّم اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ } يعني بعمل النوافل ، فالتقوى الأولى عمل الفرائض ، والتقوى الثانية عمل النوفل . |
﴿ ٩٠ ﴾