١٢٥قوله عز وجل : { فَمَن يُرِِدِ اللّه أَن يَهْدِيَهُ } فيه قولان : أحدهما : يهديه إلى نيل الثواب واستحقاق الكرامة . والثاني : يهديه إلى الدلائل المؤدية إلى الحق . { يَشْرَحْ صدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } يعني بشرح الصدر سعته لدخول الأسلام إيه وثبوته فيه ك قوله تعالى : { أَلَمْ نَشَرْحْ لَكَ صَدْرَك } " [ الشرح : ١ ] . روى عمرو بن مرة عن أبي جعفر قال : سئل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) أي المؤمنين أكْيَس ؟ قال : { أَكْثَرُهُم ذِكْراً لِلْمَوتِ وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَاداً } قال : وسئل النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) عن هذه الآية : قالوا : كيف يشرح صدره يا رسول اللّه ؟ قال : { نُوْرٌ يُقْذَفُ فَيَنْشَرِحُ لَهُ وَيَنفَسِحُ } قالوا : فهل لذلك أمارة يُعْرَفُ بها ؟ قال : { الإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الغُرورِ وَالاسْتِعْدَادِ لِلْمَوتِ قَبْلَ لِقَاءِ المَوتِ } وروى ابن مسعود مثل ذلك . ثم قال : { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ } فيه قولان : أحدهما : يضله عن الهداية إلى الحق . والثاني : عن نيل الثواب واستحقاق الكرامة . { يَجْعَلُ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً } يعني ضيقاً لا يتسع لدخول الإسلام . { حَرَجاً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون شديد الصلابة حتى لا يثبت فيه شيء . والثاني : شديد الضيق حتى لا يدخله شيء . والثالث : أن موضعه مُبْيَض . { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَآءِ } فيه أربعة أوجه : أحدها : كأنه كُلِّف الصعود إلى السماء في امتناعه عليه وبعده منه . والثاني : كأنه لا يجد مسلكاً لضيق المسالك عليه إلا صعوداً في السماء يعجز عنه . والثالث : كأنه قلبه بالنبو عنه والنفور منه صاعداً إلى السماء . والرابع : كأن قلبه يصعد إلى السماء بمشقته عليه وصعوبته عنده . ثم قال تعالى : { كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّه الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } في الرجس خمسة تأويلات : أحدها : أنه ما لا خير فيه ، قاله مجاهد . والثاني : أنه العذاب ، قاله ابن زيد . والثالث : السخط ، قاله ابن بحر . والرابع : انه الشيطان ، قاله ابن عباس . والخامس : أن الرجس والنجس واحد ، وهو قول بعض نحويي الكوفة ، وحكاه عَلِيُّ بن عيسى . وقد روى قتادة عن أنس عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أنه كان إذا دخل الخلاء قال : { اللّهم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ وَالنَّجَسِ الهَبِيثِ الخَبِيثِ الشِّيْطَانِ الرَّجِيمِ }. |
﴿ ١٢٥ ﴾