١٢٨قوله عز وجل : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } يعني يحشر الجن والإنس جميعاً يوم القيامة . { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ الإِنسِ } فيه قولان : أحدهما : قد استكثرتم من إغوئهم وإضلالهم ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد . والثاني قد استكثرتم من الإنس بإغوائكم لهم . { وَقَالَ أَولِيَاؤُهُمْ مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَغْضٍ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : معناه استمتع بعضنا بصحبة بعض في التعاون والتعاضد . والثاني : استمتع بعضنا ببعض فيما زينوه من اتباع الأهواء وارتكاب المعاصي . والثالث : أن الاستمتاع بهم ما كانوا عليه من التعوذ بهم ك قوله تعالى : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ } ، قال الحسن ، وابن جريج . ثم فيه وجهان : أحدهما : أنه استمتاع الإنس بالجن . والثاني : أنه استمتاع الإنس بعضهم ببعض . وفيه وجه ثالث : أن الإنس استمتعوا بالجن ، والجن استمتعوا بالإنس في اعتقادهم أنهم يقدرون على النفع . { وَبَلَغْنآ أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا } فيه قولان : أحدهما : أنه الموت ، قاله الحسن ، والسدي . والثاني : الحشر . { قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ } أي منزل إقامتكم ، لأن المثوى الإقامة ، ومنه قول الشاعر : لقد كان في حول ثواءً ثويته تقضي لبانات وتسأم سائم { خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ اللّه } في { إِلاَّ } في هذا الموضوع ثلاثة أوجه : أحدها : أنها بمعنى لكن ، قاله سيبويه . والثاني : أنها بمعنى سوى ، قاله الفراء . والثالث : أنها مستعملة على حقيقتها ، وهو قول الجمهور . وفي هذا الاستثناء ثلاثة أقاويل . أحدها : أن مدة الاستثناء هي مدة العرض في القيامة وذلك ما بين بعثهم من قبورهم إلى حين مصيرهم إلى جهنم ، فكأنه قال : النار مثواكم خالدين فيها إلا هذه المدة التي ذكرها ، فإنهم فيها غير خالدين في النار . والثاني : معناه خالدين فيها إلا ما شاء اللّه من تجديد جلودهم بعد إحراقها وتصريفهم في أنواع العذاب أو تركهم فيها على حالتهم الأولى ، فيكون الاستثناء في صفة العذاب لا في الخلود في النار . والثالث : أنه جعل أمرهم في مبلغ عذابهم ومدته إلى مشيئته تعالى ، قاله ابن عباس ، قال : ولا ينبغي لأحد أن يحكم على اللّه في خلقه ، ولا ينزلهم جنة ولا ناراً . |
﴿ ١٢٨ ﴾