١٧١قوله عز وجل : { وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ . . . } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : زعزعناه ، قاله ابن قتيبة ، ومنه قول العجاج : قد جرّبوا أخلاقنا الجلائلا . . ونتقوا أحلامنا الأثاقلا والثاني : بمعنى جذبناه ، والنتق : الجذب ومنه قيل للمرأة الولود ناتق ، قال النابغة : لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم طفحت عليك بناتقٍ مذكار . واختلف في سبب تسميتها ناتقاً ، فقيل لأن : خروج أولادها بمنزلة الجذب . وقيل : لأنها تجذب ماء الفحل تؤديه ولداً . والثالث : معناه ورفعناه عليهم من أصله . قال الفراء : رفع الجبل على عسكرهم فرسخاً في فرسخ . قال مجاهد : وسبب رفع الجبل عليهم أنهم أبوا أن يقبلوا فرائض التوراة لما فيها من المشقة ، فوعظهم موسى فلم يقبلوا ، فرفع الجبل فوقهم وقيل لهم : إن أخذتموه بجد واجتهاد وإلا ألقي عليكم . قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : فأخذوه بقوة ثم نكثوا بعد . واختلف في سبب رفع الجبل عليهم هل كان انتقاماً منهم أو إنعاماً عليهم ؟ على قولين : أحدهما : أنه كان انتقاماً بالخوف الذي دخل عليهم . والثاني : كان إنعاماً لإقلاعهم به عن المعصية . { . . . وَظّنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ } فيه قولان : أحدهما : أنه غلب في نفوسهم انه واقع بهم على حقيقة الظن . والثاني : أنهم تيقنوه لما عاينوا من ارتفاعه عليهم ، قاله الحسن . { خُذُواْ مَا ءَاتَيْنَاكُمْ } يعني التوارة . { بِقُوَّةٍ } يحتمل وجهين : أحدهما : بجد واجتهاد . والثاني : بنية صادقة وطاعة خالصة . |
﴿ ١٧١ ﴾