١١قوله تعالى : { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسُ أَمَنَةً مِّنْهُ } وذلك أن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) وكثيراً من أصحابه غشيهم النعاس ببدر . قال سهل بن عبد اللّه : النعاس يحل في الرأس مع حياة القلب ، والنوم يحل في القلب بعد نزول من الرأس ، فهوَّمَ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) حتى ناموا فبشر جبريل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) بالنصر فأخبر به أبا بكر . وفي امتنان اللّه تعالى عليهم بالنوم في هذه الليلة وجهان : أحدهما : قوّاهم بالاستراحة على القتال من الغد . الثاني : أن أمَّنَهم بزوال الرعب من قلوبهم ، كما قال : الأمن منيم ، والخوف مسهر . وقوله تعالى : { أََمَنَةً مِّنْهُ } يعني به الدعة وسكون النفس من الخوف وفيه وجهان : أحدهما : أمنة من العدو . الثاني : أمنة من اللّه سبحانه وتعالى . { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ } لأن اللّه تعالى أنزل عليهم ماء السماء معونة لهم بثلاثة أمور : أحدها : الشرب وإن كانوا على ماء . الثاني : وهو أخص أحواله بهم في ذلك المكان وهو أن الرمل تلبد بالماء حتى أمكن المسلمين القتال عليه . والثالث : ما وصفه اللّه تعالى به من حال التطهير . وفي تطهيرهم به وجهان : أحدهما : من وساوس الشيطان التي ألقى بها في قلوبهم الرعب ، قاله زيد بن أسلم . والثاني : من الأحداث والأنجاس التي نالتهم ، قاله الجمهور . قال ابن عطاء : أنزل عليهم ماءً طهر به ظواهر أبدانهم ، وأنزل عليهم رحمة نقّى بها سرائر قلوبهم . وإنما خصه اللّه تعالى بهذه الصفة لأمرين . أحدهما : أنها أخص صفاته . والثاني : أنها ألزم صفاته . ثم قال : { وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشّيَطانِ } فيه قولان : أحدهما : وسوسته أن المشركين قد غلبوهم على الماء ، قاله ابن عباس . والثاني : كيده وهو قوله : ليس لكم بهؤلاء القوم طاقة ، قاله ابن زيد . { وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ } يحتمل وجهين : أحدهما : ثقة بالنصر . والثاني : باستيلائهم على الماء . { وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ } فيه قولان : أحدهما : بالصبر الذي أفرغه اللّه تعالى حتى يثبتوا لعدوهم ، قاله أبو عبيدة . والثاني : تلبيد الرمل بالمطر الذي لا يثبت عليه قدم ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك . |
﴿ ١١ ﴾