٣٣

قوله عز وجل : { وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِم } يحتمل وجهين :

أحدهما : أنه قال ذلك إكراماً لنبيه وتعظيماً لقدره أن يعذب قوماً هو بينهم . تعظيماً لحرمته .

والثاني : إرساله فيهم رحمة لهم ونعمة عليهم فلم يجز أن يعذبهم وهو فيهم حتى يستحقوا سلب النعمة بإخراجه عنهم .

{ وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } فيه خمسة أقاويل :

أحدها : وما كان اللّه ليعذب مشركي أهل مكة وقد بقي فيهم من المسلمين قوم يستغفرون وهذا قول الضحاك وأبي مالك وعطية .

والثاني : لا يعذبهم في الدنيا وهم يستغفرون فيها فيقولون : غفرانك .

قال ابن عباس : كان المشركون بمكة يطوفون بالبيت ويقولون : لبيك لبيك لا شريك لك ، فيقول النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { قَدْ قَدْ } فيقولون : إلا شريكاً هو لك ، تملكه وما ملك ، ويقولون غفرانك ، فأنزل اللّه تعالى : { وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } قاله أبو موسى ويزيد بن رومان ومحمد بن قيس .

والثالث : أن الاستغفار في هذا الموضع الإسلام ، ومعنى الكلام : وما كان اللّه معذبهم وهم يسلمون ، قاله عكرمة ومجاهد .

والرابع : وما كان اللّه معذب من قد سبق له من اللّه الدخول في الإسلام ، قاله ابن عباس .

والخامس : معناه أنهم لو استغفروا لم يعذبوا استدعاء لهم إلى الاستغفار ، قاله قتادة والسدي وابن زيد .

والسادس : وما كان اللّه معذبهم أي مهلكهم وقد علم أن لهم أولاد وذرية يؤمنون ويستغفرون .

﴿ ٣٣