٣٤وما لهم ألا . . . . . قوله عز وجل { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ البَيتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً } في المكاء قولان : أحدهما : أنه إدخال أصابعهم في أفواههم ، قاله مجاهد . والثاني : هو أن يشبك بين أصابعه ويصفر في كفه بفيه فيكون المكاء هو الصفير ، ومنه قول عنترة : وحليل غنيةٍ تركت مُجدّلا تمكو فريصته بشدق الأعلم أي تصفر بالريح لما طعنته . وأما التصدية ففيها خمسة أقاويل : أحدهما : أنه التصفيق ، قاله ابن عباس وابن عمر والحسن ومجاهد وقتادة والسدي ومنه قول عمرو بن الإطنابة : وظلواْ جميعاً لهم ضجة مكاء لدى البيت بالتصدية والثاني : أنه الصد عن البيت الحرام ، قاله سعيد بن جبير وابن زيد . والثالث : أن يتصدى بعضهم لبعض ليفعل مثل فعله ، ويصفر له إن غفل عنه ، قاله بعض المتأخرين . الرابع : أنها تفعلة من صد يصد ، وهو الضجيج ، قاله أبو عبيدة . ومنه قوله تعالى : { إِذَا قَومُكَ مِنهُ يَصِدُّونَ } " [ الزخرف : ٥٧ ] أي يضجون . الخامس : أنه الصدى الذي يجيب الصائح فيرد عليه مثل قوله ، قاله ابن بحر . فإن قيل : فلم سمَّى اللّه تعالى ما كانوا يفعلونه عند البيت من المكاء والتصدية صلاة وليس منها ؟ قيل عن ذلك جوابان : أحدهما : أنهم كانوا يقيمون التصفيق والصفير مقام الدعاء والتسبيح فجعلوا ذلك صلاة وإن لم يكن في حكم الشرع صلاة . والثاني : أنهم كانوا يعملون كعمل الصلاة . |
﴿ ٣٤ ﴾