٣٨

قوله عز وجل { قَل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يَغْفِرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ } يحتمل وجيهن :

أحدهما : إن ينتهوا عن المحاربة إلى الموادعة يغفر لهم ما قد سلف من المؤاخذة والمعاقبة .

والثاني : إن ينتهوا عن الكفر بالإسلام يغفر لهم ما قد سلف من الآثام .

{ وَإِن يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأُوَّلِينَ } تأويله على احتمال الوجهين الأولين :

فعلى الوجه الأول : تأويله : وإن يعودواْ إلى المحاربة فقد مضت سنة الأولين فيمن قتل يوم بدر وأسر ، قاله الحسن ومجاهد والسدي .

وعلى الوجه الثاني : فقد مضت سنة الأولين من الأمم السالفة فيما أخذهم اللّه به في الدنيا من عذاب الاستئصال .

قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في أهل مكة بعد أن دخلها رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) عام الفتح وقال لهم : { ما ظَنُّكُم بِي وَمَا الَّذِي تَرَونَ أَنِّي صَانِعُ بِكُم ؟ } قالوا : ابن عم كريم فإن تعف فذاك الظن بك وإن تنتقم فقد أسأنا ، فقال ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { أَقُولُ لَكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لإخْوَتِهِ : { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللّه لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } } [ يوسف : ٩٢ ] فأنزل اللّه تعالى هذه الآية .

﴿ ٣٨